مقالات

الفتح المبين 


عبد الوهاب عدس

اهدانى الصديق اسامه التاجى نائب امين عام مجلس الشورى ( الشيوخ حاليا  ) .. كتاب والده العالم الكبير د. احمد التاجى .. ” سيرة النبي العربى  ” .. محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. كتب مقدمة الكتاب الإمام الأكبر د. عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الشريف .. كما اطلع عليه د. محمود حسب الله .. الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية .. وقد صدر هذا الكتاب عام ١٩٧٨ ميلادية  .. ويقع فى ٨٠٠ صفحة  .. اسمحوا لى ان اصطحبكم لنعيش روحانيات رمضان  .. مع الفتح المبين .. كما قدمه لنا د. احمد التاجى مع تصرف منى .. فأنا طول عمرى انظر إلى فتح مكه انه ليس فقط اعظم انتصار لرسول الحق صلى الله عليه وسلم  .. لكنه دليل على عظمة اخلاق رسولنا صلى الله عليه وسلم  .. وقمة تسامحه .. البداية جاءت مع سورة الفتح .. إنا فتحنا لك فتحا مبينا .. ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما .. وينصرك الله نصرا عزيزا .. وقد قال فيها رسولنا صلى الله عليه وسلم  :  أنزلت على الليلة سورة .. هى احب الى مما طلعت عليه الشمس .. وفى رواية أخرى لهى احب الى من الدنيا وما فيها .. وقد نزلت هذه الصورة قبل فتح مكه بعامين .. وفيها يعلن الحق سبحانه  .. انه غفر لرسولنا صلى الله عليه وسلم  .. ما مضى .. وما سوف يكون فى المستقبل .. وهذه الدرجة .. لم يمنحها الحق سبحانه وتعالى .. لأحد قبل رسولنا صلى الله عليه وسلم  .. كما أن الحق سبحانه  .. لم يعلن لكائن من كان .. انه أتم عليه نعمته سوى رسول الحق صلى الله عليه وسلم  .. من هنا فإن الله سبحانه وتعالى  .. يعلن فى هذه الآية  .. بدء تكوين جديد لرسولنا صلى الله عليه وسلم  .. وإنتقاله الى درجة أعلى .. لم يصل اليها احد من خلق الأرض ولا السماء وأصبحت كلمة الله هى العليا .. حتى انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم .. الى الرفيق الأعلى .. وقد كانت تلك أمنية سيدنا يعقوب عليه السلام .. ليوسف حين قال : وكذلك يجتبيك ربك .. ويعلمك تأويل الأحاديث  .. ويتم نعمته عليك  .. وعلى آل يعقوب  .. كما اتمها على ابويك من قبل : ابراهيم وإسحاق  .. إن ربك عليم حكيم ( سورة يوسف ٦ ) ويشهد يوم فتح مكه .. نبل اخلاق نبينا .. حيث يأمر قادة جيوشه بدخول مكه من أبوابها الأربعة بدون قتل أو إسالة دماء .. ويقف رسول الحق امام الكعبة .. حيث اجتمع كل اهل مكه ويقف جيش المسلمين رافعين سيوفهم .. فى انتظار إشارة من رسولنا صلى الله عليه وسلم  .. للإطاحة برؤوس أهل مكه .. الذين حاربوه وطردوه من بلده مكه .. ومنعوا منه الأكل  .. وآذوه .. وحاولوا قتله .. وهنا يسجل التاريخ بأحرف بارزة من النور أعظم قرار عفو فى التاريخ  .. فلم يذكر فى كل تاريخ البشرية  .. ان قائدا فى يوم انتصاره .. يعفو عن اعدائه .. ويصدر قراره الخالد .. اذهبوا فأنتم الطلقاء  ( الأحرار )  .. واستكمالا لمباهج النصر والعزة والشرف والكرامة .. يبعث رسول الحق صلى الله عليه وسلم  .. بسيدنا بلال  .. الى عثمان بن طلحة .. لإحضار مفتاح الكعبة .. قائلا : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تأتيه مفتاح الكعبة  .. لكن امه سلافة بنت سعد بن شهير رفضت واخفت المفتاح تحت ملابسها فأرسل رسول الحق صلى الله عليه وسلم ابو بكر وعمر بن الخطاب رضى الله عنهما يطلبون المفتاح من عثمان .. وعندما أبطأ عثمان .. صاح عمر بن الخطاب بصوت عال .. يا عثمان اخرج .. بسرعة أعطت ألام المفتاح الى عثمان .. فذهب معهما بالمفتاح الى النبى صلى الله عليه وسلم وناوله المفتاح  .. فتح رسولنا صلى الله عليه وسلم الكعبة  .. وأخذ معه أسامه بن زيد وبلال بن رباح  وعثمان بن طلحة .. وبعد ان صلى رسول الحق واسامه وبلال .. خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم  .. بينما يقف على الباب خالد بن الوليد .. يفسح الطريق لمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم  .. وعقب خروج رسولنا من الكعبة وقف العباس بن عبد المطلب قائلا : بأبى وأمى يا رسول الله  .. اجمع لنا السقاية ( تقديم المياه للحجاج ) مع الحجابة أى مفتاح الكعبة وخدمة الحجاج .. وقف رسول الحق صلى الله عليه وسلم .. قائلا لعثمان بن طلحة  .. اتتذكر يا عثمان .. يوم قلت لك وانا فى مكه قبل الهجرة وكان معك هذا المفتاح  .. قلت لك سترى هذا المفتاح فى يدى يوما .. أضعه حيث شئت .. وقلت يا عثمان .. هلكت قريش وذلت إذا حدث ذلك  .. فقال عثمان  : نعم يا رسول الله  .. اتتذكر ان قلت لك .. بل عزت وعمرت يومئذ يا عثمان  .. ويمنح رسول الحق مفتاح الكعبة الى عثمان بن طلحة  .. قائلا خذوها يا بنى أبى طلحة خالدة .. لا ينزعها منكم إلا ظالم .. ان الله سبحانه وتعالى استأمنكم على بيته فخذوها بأمانة الله عز وجل .. وقبل ان ينصرف عثمان قال : بلى اشهد انك رسول الله وأعلن اسلامه .. من هنا .. اقول : ان الفتح المبين  .. لم يكن فقط فتح مكه .. إنما ايضا بما غفر لرسولنا صلى الله عليه وسلم جميع ما تقدم من ذنبه وما تأخر من هذه الذنوب .. صلوا على من سيقول يوم الفزع الأكبر امتى .. امتى .. من بعثه الله رحمة للعالمين  .. صلوا عليه وسلموا تسليما  .

زر الذهاب إلى الأعلى